أدت غارة صاروخية أمريكية إلى مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. بعد عدة ساعات، أعلنت الحكومة الأمريكية أن الرئيس ترامب أعطى موفقته للقيام بالهجوم، حيث أكد البيان أن لدى الولايات المتحدة معلومات تشير إلى أن سليماني كان يخطط لشن هجمات ضد الأمريكيين. وبعبارة أخرى، أطلقنا ضربة استباقية.
المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران وصلت مرحلة اللاعودة. لا يمكن لإيران أن تترك هذا الهجوم على شخصية إيرانية بارزة بدون رد. من المتوقع أن تقوم طهران برد حذر ومحسوب من شأنه أن يرفع تكلفته على الولايات المتحدة. ستستغل إيران سخط العراقيين في هذه الإهانة لكرامة بغداد وسيادتها. يبدو أن الحكومة العراقية ستجد نفسها مجبرة على تقديم مشروع قانون إلى البرلمان يدعو إلى انسحاب القوات الأمريكية. إذا نجح هذا الأمر وانسحب الجنود الأمريكيون، فستكون إيران قد حققت نصراً سياسياً يمكن أن تدعي أنه كافٍ ولا يتطلب المزيد من التصعيد. ومع ذلك، حتى إن حذّر القادة العقلانيون في طهران من اتخاذ إجراء متسرّع، فإن حقيقة مقتل مسؤول كبير في الجيش العراقي الحاج أبو مهدي المهندس (والذي كان أيضًا نائب رئيس الحشد الشعبي الموالي لإيران) في نفس الهجوم يرفع الخطر إلى مستوى عالٍ غير مسبوق. سوف يتصاعد العنف، وقد لا تتمكن طهران من منع الميليشيات التابعة للمهندس من الانتقام من الأمريكيين.
إن عملية الاغتيال تضع العراق في وضع مستحيل. من الناحية القانونية، فإن الحكومة الولايات المتحدة قامت بقتل مسؤول كبير بحكومة أجنبية خارج نطاق القضاء، فضلاً عن مقتل ضابط كبير بالجيش العراقي على الأراضي العراقية. لقد قمنا بإهانة السيادة العراقية وسنجبر بغداد على التحرك ضد وجودنا. يجب أن يكون من ضمن المتوقع أن نرى القوات الأمريكية تنسحب من العراق في غضون بضعة أشهر. ولكن قد يكون هناك بارقة أمل. فالتخلص من الأميركيين يزيل أكبر عذر لوجود إيراني لا يحظى بالشعبية في العراق على حدٍ سواء، حيث يجب ألا ننسى أن العراقيين المؤيدين لإيران لا يزالون عراقيين.
لدى كل خبير في العاصمة واشنطن شرحه الخاص عن السبب الذي دفع إدارة ترامب إلى تحمل هذا الخطر الكبير. يدعي البعض أنه فعل ذلك لصرف الانتباه عن إجراءات عزله. البعض الآخر يرى أن بومبيو وصقوره خاطبوا الجانب الشرس لترامب من أجل دفعه باتجاه حرب لا يريدها ولا يحتاجها. يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يعتقد أنه يمكن أن يُحسب له الفضل في إقناع الولايات المتحدة بالشروع في الحرب مع إيران وبالتالي ضمان إعادة انتخابه. أياً كان السبب، فإن الاستماع إلى براين هوك، الممثل الأمريكي الخاص بإيران صباح هذا اليوم على إذاعة “إن بي آر” الأمريكية يشير إلى أن الإدارة الأمريكية ليس لديها أدنى دراية بعواقب ما قامت به.
السفير باتريك ثيروس: مستشار استراتيجي لمنتدى الخليج الدولي.
وجهات النظر والآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين ولا تعكس بالضرورة رأي منتدى الخليج الدولي.